زواج القاصرات بين الشرع والقانون

سلطة ولي الأمر في تجريم زواج القاصرات وتحديد سن الزواج

تجريم زواج القاصرات مزايا تحديد الزواج بسن معين  سلبيات تحديد الزواج بسن معين زواج القاصرات والقانون زواج القاصرات والشرع
زواج القاصرات



الكاتبة: جهاد هنداوي



محتويات المقال :-

مقدمة المقال
مزايا تحديد الزواج بسن معين
1. حفظ وحماية حقوق الأطفال:
2. تكريم ورعاية حقوق المرأة:
3. رعاية مصالح الأسرة والمجتمع:
4. احترام عقد الزوج وما به من آثار تترتب عليه:
5. تقليل نسب الطلاق:
6. الحفاظ على الهدف الأسمى للزواج وهو النسل
:ثانيا:سلبيات تحديد الزواج بسن معين:
1. ضياع الحقوق مقابل تحقيق بعض المصالح:
2. التحايل على القانون وتزوير الأوراق الرسمية :
3. الفساد الذي يقع في بعض البيئات القروية والبدوية:
4. انتشار الرّشوة في بعض البلدان:
5. انتشار الجهل والأميّة وإهمال العلم التعليم:
6- ظهور العنوسة بشكل كبير
:المصالح المتحققة من الزواج في الصغر
:تعليق كاتبة المقال:


مقدمة المقال

شرع الله تعالى الزواج واعتنى ووضع له نظامًا، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]. كما وضع الضوابط التي تتأسس بها الأسرة في المجتمع الإسلامي في اختيار الزوجين ووضع لها الشروط اللازم توافرها في كل منهما، والسن المناسبة للزواج أو زواج القاصرات فيه اختلاف كبير بين الفقهاء، حول ايجابياته وسلبياته، وقد أخذ القانون في وضع قانونًا يحدد السن المناسبة للزواج "ألا تقل عن سن 17 سنة للزوجين على حد سواء إلا لأسباب مقنعة يراها القاضي، وقد نص القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع التقاضي فى مسائل الأحوال الشخصية، المادة 17 منه تنص على أن:
"لا تقبل الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج إذا كانت سن الزوجة تقل عن ست عشرة سنة ميلادية او كان سن الزوج يقل عن ثماني عشرة سنة ميلادية وقت رفع الدعوى ولا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج .. ما لم يكن الزواج ثابتا بوثيقة رسمية".
كما أن شيخ الأزهر الطيب أوضح أن "من حق ولى الأمر شرعًا أن يقيد المباح، فإذا كان الإسلام أباح للبنت أن تتزوج بعد سن البلوغ  في أي سنة، فمن حق ولي الأمر أن يتدخل ويقيد هذه الإباحة المطلقة التى وفرها الشرع للناس فيجعل سن الزواج للبنت والولد هو 18 عامًا، والأزهر مع القانون الذى يقيد سن زواج البنت بـ 18 عاما".


أولًا:مزايا تحديد الزواج بسن معين:

1. حفظ وحماية حقوق الأطفال:

الشريعة الإسلامية جاءت بحفظ المصالح ، واعتنت عناية فائقة بالأطفال ، كما بينت أنّ الزواج ميثاق غليظ تترتب عليه أحكام شرعية و مسؤوليات ومتطلبات، والصغير لايُدرك هذه المتطلبات والمسئوليات الضرورية للزواج ، كما أن تصوره عن أحكام الشرع المتعلقة بالزواج غائبة، كما أن الصغير ليس له قدرة على تحمل أعباء الولادة، ورعاية الأطفال عند الإنجاب، وقد يتعرض لمخاطر صحية ونفسية بسبب الضعف الجسمي والعقلي وصغر السن مما يؤدي إلى الهلاك والضرر، أو فشل الحياة الزوجية والطلاق، وهذا ما حدث في بعض الدول العربية، وخّلف ذلك الزواج وجود مطلقات كثيرات في سن صغيرة، وفشل في الحياة الزوجية فكان لتحديد سن الزواج بسن معينة أهمية بالغة في حفظ وحماية حقوق الأطفال من الفشل والهلاك.


2. تكريم ورعاية حقوق المرأة:

زواج القاصرات والاسلام فالإسلام كرم المرأة ورفع قدرها، وأتاح لها اختيار شريك الحياة من دون إكراه ، وبتحديد سن للزواج فيه رعاية لمصالحها لأهليتها ببلوغ هذا السن للاستئذان في اختيار شريك الحياة، كما جاءت به من أمر النبي _ صلى الله عليه وسلم_ البكر بالاستئذان وللثيب بالاستئمار.


3. رعاية مصالح الأسرة والمجتمع:

مصلحة الأسرة تكمن الزواج مسؤولية تتكون بها علاقة عائلية تترتب عليها حقوق وواجبات يجب الوعي بها، والاستعداد لها.
أما مصلحة المجتمع، فتكمن في كون الأسرة أساس المجتمع، وتحديد السن للزواج ينتج مجتمعا قويا خاليا من التفكك الأسري.


4. احترام عقد الزوج وما به من آثار تترتب عليه:

يربط عقد الزواج بين الزوج والزوجة، كما يترتب على هذا العقد آثاره يترتب عليها سعادة أو تعاسة، لذلك أوجب الشرع اختيار كل منهما للآخر.
لذلك فإن تحديد الزواج بسن معينة له عظيم الأثر في إتاحة الفرصة لاختيار الشريك لكي يصبح كلا منهما راشدا واعيا، له إرادة معتبرة في القبول أو الرفض بما يتوافق مع طباعه وأخلاقه.


5. تقليل نسب الطلاق:

للطلاق أسباب رئيسية تعود إلى قلة أو عدم وعي الزوجين أو أحدهما بما هو قادم من مسؤوليات الحياة الزوجية، أو سوء اختيار شريك الحياة، مما يترتب على ذلك مشاكل زوجية تؤدي إلى الطلاق، لذلك فإن تحديد الزواج بسن معينة له أثر عظيم في تقليل نسب الطلاق والحد منها.


6. الحفاظ على الهدف الأسمى للزواج وهو النسل:

الحفاظ على النوع الإنساني هو الهدف الأسمى من الزواج ، كما أن الحفاظ على النسل الناشئ عن الزواج من صحة ونمو العقل والبدن من أسمى الأهداف أيضا، ولكن الصغار لا يملكون القدرة على تربية الأبناء، وليس لديهم الخبرات التي تؤهلهم لذلك، وعلى ذلك فإن تزويجهم فيه من الضرر الكثير الذي يقع على المجتمع الإنساني، وتحديد سن معينة للزواج فيه محافظة على الهدف الأسمى من الزواج وهو النسل.


ثانيا:زواج القاصرات والقانون وسلبيات تحديد الزواج بسن معين:

يعتبر زواج القاصرات والقانون الخاص بتحديد السن له عدد من السلبيات التي يمكن حصرها في عدة نقاط على النحو التالي:-


1. ضياع الحقوق مقابل تحقيق بعض المصالح:

تحديد سن معينة للزواج فيه إغلاق لباب الزواج الشرعي أمام عدد كبير من الشباب والفتيات الذين هم دون السن المحددة بالقانون مع أهليتهم وقدرتهم على الزواج، فنجد أن لديهم القدرة على تحمل أعباء الزواج ومسؤلياته، لكنهم يحرمون من الزواج بسبب تحديد القانون للسن .
كما أن الكفاءة على الزواج تتفاوت من فرد لآخر، ولا تتعلق بسنٍّ معينة؛ لأن مقياس الكفاءة والقدرة على تحمل أعباء الزواج ومسئولياته متغيرة وليست ثابتة.


2. التحايل على القانون وتزوير الأوراق الرسمية :

تحديد القانون لسن الزواج من السهل التحايل عليه بالتسنين للوصول إلى السن القانونية التي سنّها القانون للزواج، لكي يتسنى لهم الزواج في سن صغيرة.


3. الفساد الذي يقع في بعض البيئات القروية والبدوية:

في بعض البيئات القروية والبدوية تصبح الفتاة مؤهلة للزواج وواجباته في سنٍّ مبكرة دون إخلال، فلا مصلحة في تأخير الزواج في بعض البيئات.


4. انتشار الرّشوة في بعض البلدان:

القانون الذي يحدد سن معينة للزواج يفتح الباب أمام الرشاوى لاستصدار شهادات للتسنين.


5. انتشار الجهل والأميّة وإهمال العلم التعليم:

تزويج الفتيات في السن الصغيرة يجعلهن يتسربن من مدارسهن بسبب الزواج ومسئولياته، وذلك من أهم أسباب انتشار الجهل والأمية. 


6- ظهور العنوسة بشكل كبير:

تظهر العنوسة بشكل كبير فيمن تجاوزن العشرين عاما خاصة الفتيات اللواتي يكملن دراستهن أو اللواتي تحكمهن ظروف قهرية تحتم عليهن الخروج إلى العمل لتوفير لقمة العيش للأسرة في عدم وجود العائل.


المصالح المتحققة من الزواج في الصغر:

 هناك عدة مصالح من الزواج المبكر إذا تم وفقًا للشروط التي ذكرها العلماء:
1- تحقيق مقاصد سامية وأهداف عظيمة؛ حيث رعاية المصلحة في حق الـذكور والإناث جميعًا، فقد لا تتوافر الكفء في كل وقت، فكانت الحاجة ماسة إليه وإلى إثبات الولايـة على الصغار، وتزويجهم في الصغر؛ لأن في انتظار بلوغها تفويت ذلك الكفء، وقـد لا يوجد مثله، ولما كان هذا العقد للعمر تتحقق الحاجة إلى ما هو من مقاصد هـذا العقـد، فتجعل تلك الحاجة كالمتحققة للحال لإثبات الولاية للولي، ويؤيد هذا ما ذكره القرافي رحمه االله حيث قال: أن تـزويج الـولي الـصغيرة مـن المصالح الحاجية، إذ إن تزويجها غير ضروري، لكنّ الحاجة تدعو إليه في تحصيل الكفء لئلا يفوت.
2- الحفاظ على روابط المجتمع وتقويتها: فتزويج الـ صغار وسيلة لتقوية المجتمع وترابطه بالمحبة والمودة، فهو مـن أقـوى الروابـط المجتمـعية للإسلام.
3- فتح الباب أمام الآباء سواء من كبار السن أو المرضى مرضًا مخوفًـا لتـزويج أبنائهم الصغار غير البالغين؛ حرصًا على مصلحتهم، فيزوجونهم تأمينًا على مستقبل حياتهم من بعدهم. 
4- الخوف على اليتيمة من الفساد في الدين والمحافظة عليها من الضياع لفقرٍ أو نحـوه، فقد يموت الولي ويترك مالاً كثيرًا، وتكون اليتيمة ممن يورث منه، فتحتاج إلى من يقوم على إدارة مالها، فيكون الزواج لها بمن له القدرة على إدارة مالها وسيلة للحفاظ عليه. 
5- قد تكون هناك حاجة مشروعة ومصلحة معتبرة في تزويج الصغير أو الصغيرة يقدرها الولي الشرعي للصغير كما يقدرها ولي الصغيرة، إذ الغالب أن زواج الـصغير يكـون بصغيرة مثله، ومثل هذا الزواج يكون غالبًا بين الأقارب، حيث يرون المصلحة فيـه، كتزويجه من شريفة أو نسيبة أو بنت عم له.
6- هناك بعض البيئات البدوية أو بعض المناطق القروية يكـون العُرف فيهـا جاريًا بتزويج الصغار، كتزويج السيدة عائشة رضي الله عنهـا بـ النبي صلى الله عليه وسلم، وهي صغيرة.
7- تحقيق المقاصد الشرعية للزواج، ورعاية للمصلحة إذا توفر الكفء الذي قد لا يتوفر في كل وقت، وقد تفوت المصلحة بانتظار البلوغ، لذلك أصبحت الحاجة ماسة إلى التزويج في الصغر.



تعليق كاتبة المقال:

الإسلام جاء  لجلب المصالح ودرء المفاسد، وتحديد سن للزواج فيه مصلحة للزوج والزوجة، لأنهما بهذا التحديد بلغا السن الذي يدركان به أهداف الزواج ومقاصده وتبعاته.
وفي الزواج في الصغر مخاطر وأضرار جسمية ونفسية واجتماعية وفسيولوجية، وتحميلهم للمسئولية فوق طاقتهم، وعملاًَ بالقاعدة الشرعية في قوله_ صلى الله عليه وسلم_ :( لا ضرر ولا ضرار) ، فإنه يجوز تحديد سن معينة للزواج من باب رفع الضرر ودرء المفسدة.
كما أن الأصل في الشريعة الإسلامية أنها لم تحدد سنًّا معينة للزواج، وأن تزويج الصغارمشروع، لكن الضرورة أتاحت لولي الأمر تقييد المباح استنادا إلى القاعدة الشرعية "الحاجة تنزل منزلة الضرورة سواء كانت عامة أو خاصة " وهذا يعني أن تحديد سن الزواج من الأمور المباحة بالنص لما في ذلك من الضرورة الملجئة إليه أو الحاجة العامة.
أحدث أقدم

Advertisements